مضى زمنٌ طويل ولم أكتب، طويلٌ جداً، أذكر أنني انشغلت بدراستي، وبرسالتي وبغربتي. فهجرت القلم، وكانت هجرةً مؤقتة، لكنها بلا شك قد طالت. أنهيت دراستي، وأكملت تخصصي، وناقشت رسالتي، ولم أعد للقلم! بل وتخرجت وعدت إلى دياري وزاولتُ مهنتي، وأيضاً لم أكتب
جزءٌ مني كان يقول لي لا تكتبي فلم يعد هناك من يقرأ، وحتى القلة القليلة التي تقرأ، فأغلبها يقرأ الروايات، من سيقرأ ما تكتبين؟ وجزء آخر يقول لا تكتبي، فإن نجحتِ ستنجرفين كما انجرف مَن قبلكِ خلف الأضواء وستركضين خلف الأسماء ويتغلغل داخلك الكِبر والغرور دون أن تعلمي، حتى ولم تكن بنيتك هذه الأشياء، حتى تصبحين أنتِ، لستِ أنتِ. وكان هناك جزءٌ صغيرٌ عميقٌ داخل عقلي الممتد من قلبي، له صوتٌ ضعيفٌ جداً، يقول لي اكتبي، اكتبي للناس ولا تبخلي عليهم بعلمٍ قد ينفعهم، أو كلمةٍ تسلي حزنهم، أو تجربةٍ حياتيةٍ تبعث الأمل فيهم. لا تقطعيهم فالقطيعة موت، والوصل حياة. وخير الناس أنفعهم للناس. إلا أن ذاك الصوت كان ضعيفا جداً للأسف. فلم أعد أسمعه حين عدت للديار وسط زحام الحياة وأصوات الناس المتعالية، وصراخ الظروف
ومرت سنون دون أن أدري ما حل بمدونتي، حتى سمعت كتاباً، نعم سمعتُ كتاباً كان يتكلم عن شخصٍ كتب مدونةً ثم أهملها، فحركني فضولي لأعرف، هل هجر القراء مدونتي كما هجرتها؟ وعدت لها لأراها عامرة وهناك من يقرأ وهناك من يتابع. بل ومن جميع بقاع الأرض
حينها فقط، سمعت ذلك الصوت الرخيم الذي طالما حثني على المشاركة. كان منبعه منكم سيداتي وسادتي الكرام، فشكراً لكم. شكراً على وجودكم حين كنت هنا. وشكراً على وجودكم حين لم أكن هنا. هذا كل ما استطاع لساني أن يعبر فيه. أتمنى أن يكون إحساس امتناني قد وصلكم كاملاً، ومنذ الآن عدت لك يا قلمي، لأنقش تجاربي وعلمي بقلمٍ أليكتروني، علّه يصل لأكبر عددٍ من الناس، وينفع أكبر عدد من القراء
والله الموفق
No comments:
Post a Comment